قال جو بايدن نائب الرئيس الامريكي ان الزعماء المتنازعين بالعراق ربما يجدون أنفسهم مدفوعين باتجاه المصالحة السياسية بسبب حقيقة واحدة صعبة وهي أن العراق لا يزال يحتاج بشدة للمساعدة الامريكية لاعادة البناء في الوقت الذي يوشك فيه الاحتلال العسكري الامريكي للعراق على الانتهاء.
وأضاف بايدن في مقابلة في ختام زيارة الى بغداد تستمر ثلاثة أيام بعد أن طلب منه الرئيس الامريكي باراك أوباما الاضطلاع بدور رئيسي بشأن السياسة العراقية "انهم يرغبون بشدة في اتفاق مستقر معنا لا صلة له بالجيش ويتصل بقوة بتحقيق ما يحتاجونه."
ومضى يقول "يعرفون أن العلاقة لن تصبح أقوى وأوثق وأكثر ارتباطا اذا خاضوا معارك داخلية."
وجاءت زيارة بايدن وهي الاولى التي يقوم بها للعراق منذ أصبح نائبا للرئيس في وقت حساس في العلاقات بين واشنطن وبغداد حيث يتحول النفوذ الامريكي في البلاد من ساحة المعارك الى طاولة المفاوضات.
وانسحبت القوات الامريكية من البلدات والمدن العراقية في 30 يونيو حزيران بموجب اتفاق أمني يمهد الطريق لانسحاب أمريكي كامل بحلول عام 2012. الا أن هناك مخاوف بشأن أن العراق لم يحقق تقدما سياسيا يكفي لمنع مزيد من الاقتتال.
وفي تطور اخر انتهت أول مناقصة يجريها العراق بخصوص عقود تطوير احتياطياته الضخمة من النفط ببيع ترخيص حقل واحد للاستغلال الاجنبي في اشارة تدل على أن امال العراق في تحقيق ثروات نفطية سريعة ربما تتأجل لبعض الوقت.
وقال بايدن الذي يصف نفسه بأنه "متفائل في اطار حدود" بشأن العراق انه لا يزال لديه توقعات ايجابية الى حد كبير بشان مستقبل العراق.
واضاف "انهم واقعيون.. يدركون تماما انهم اذا لم يحلوا هذه القضايا فستكون لديهم مشكلة."
ولواشنطن مبررات في الشعور بالامل لان العنف الذي اندلع بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2003 انحسر بشكل كبير.
لكن لا تزال هناك انقسامات عميقة بين الغالبية الشيعية والعرب السنة والاكراد وغيرهم من الاقليات وهو ما يخشى البعض أنه قد يهدد استقرار العراق في المستقبل.
ويشعر الزعماء العراقيون أنفسهم بالقلق وقال بايدن انهم سألوه مرارا بشأن ما اذا كانت بلادهم لا تزال تمثل أولوية كبيرة للولايات المتحدة في الوقت الذي تحول فيه ادارة اوباما تركيزها العسكري الى أفغانستان وتتصدى فيه للازمة المالية العالمية.
وقال بايدن "قالوا (لقد أخرجتمونا من أعلى مكانة في سلم الاولويات الى أدنى مكان فيه") وأضاف أنه أجابهم قائلا "لا هذا لم يحدث لكم".
ومن المقرر اجراء انتخابات في العراق في يناير كانون الثاني وتعهد أوباما بانهاء العمليات القتالية هناك بحلول أغسطس اب 2010 فيما لا يتيح فسحة من الوقت تكفي لتعزيز الحوار السلمي حول المشاكل التي تتراوح من قضايا الحدود الداخلية الى العائدات النفطية.
وقال مسؤولون امريكيون ان بايدن حذر رئيس الوزراء نوري المالكي من أن عودة العنف الطائفي أو العرقي بالعراق قد يقوض المشاركة الامريكية في المستقبل.
ونفى المتحدث باسم المالكي علانية هذا التهديد الضمني قائلا ان التدخل الامريكي في السياسة العراقية لن يجعلها أكثر نجاحا.
لكن وعود بايدن بتعاون سياسي واقتصادي أمريكي قوي في المستقبل ربما يساعد في استمالة الزعماء العراقيين الذين يرون مصلحتهم الشخصية في الوسطية وليس العناصر الاكثر أصولية.
وقال بايدن "بمجرد أن أدركوا أن صديقهم القديم جو لم يأت ليفرض عليهم شيئا أبدوا حينئذ رغبتهم في أن يقولوا (نحتاج الى مساعدتكم)."
وكانت كلمات بايدن المفعمة بالامل موضع تشكيك على نحو متكرر خلال زيارته المقتضبة للعراق. وتظاهر مئات من أنصار رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر يوم الجمعة في ضاحية فقيرة ببغداد وأحرقوا الاعلام الامريكية في اشارة تدل على أنه ليس جميع العراقيين مقتنعين بحسن نوايا الولايات المتحدة.
وتتعرض البلاد لعاصفة رملية كبيرة أدت الى منع تحليق طائرات الهليكوبتر وأرغمت المسؤولين الامنيين على السماح لبايدن على مضض بالتنقل برا على الطرق التي لا يزال كثيرون يشعرون بأنها خطر أمني كبير.
كما أرغمت سوء الاحوال الجوية بايدن على الغاء توقف في مدينة اربيل بشمال العراق لمقابلة الرئيس العراقي الكردي جلال طالبان ورئيس اقليم كردستان مسعود برزاني وكلاهما لاعبان مهمان في المشهد السياسي المتحول بالعراق.
وتحدث بايدن الى كل منهما هاتفيا وقال مسؤولون انه يعتزم اجراء مناقشات أكثر استفاضة معهما عبر الهاتف هذا الاسبوع.
وفي الوقت الذي تقترب فيه الحرب الامريكية بالعراق من نهايتها قال بايدن انه يأمل في أن تقود علاقاته القائمة منذ فترة طويلة مع كثير من الزعماء العراقيين ودعم البيت الابيض لمساعدة الولايات المتحدة في الدخول في دور جديد.
وقال "لدي انطباع بأنهم يشعرون بارتياح بالغ" مضيفا "حقيقة أنني نائب رئيس الولايات المتحدة تشعرهم باطمئنان كبير."
من اندرو كوين